المربي والمناضل المرحوم علي بن فرج بلغيث

 

المربي والمناضل المرحوم علي بن فرج بلغيث

ولد المربي والمناضل علي بن فرج بلغيث في 23 ماي 1915 بطبلبة، وتوفي بها في 5 مارس 1996. بدأ تعليمه بالكتّاب أين حفظ ما تيسّر من القرآن، ثمّ التحق ب"المكتب" المدرسة العربية/الفرنسية بطبلبة. وفي آواخر سنة 1933 تحصّل على الشهادة الابتدائية بملاحظة قريب من الحسن. ثمّ التحق بجامع الزيتونة فتحصّل على العالمية في القسم الأدبي.
انخرط المربي والمناضل المرحوم علي بن فرج بلغيث في سلك التربية والتعليم بعد حصوله على الكفاءة الصناعية قصد الدخول لسلك التعليم، فعمل معلّما للغة العربية بالمدارس الابتدائية بكلّ من المدرسة الفرنسية العربية بطبلبة من سنة 1947 إلى سنة 1952، ثمّ تقع نقلته في 18 فيفري 1952 تعسفيا إلى رادس بتونس العاصمة، وفي 3 نوفمبر 1952 يسترجع مركزه بالمدرسة الفرنسية العربية بطبلبة، وفي 9 جانفي 1953 تقع نقلته نقلة عقوبة إدارية إلى المدرسة الفرنسية/ العربية بالكاف. ثمّ يعيّن بالمدرسة المختلطة بطبلبة من سنة 1959 إلى سنة 1969، ثمّ بمدرسة شارع بورقيبة خلال السنة الدراسية 1969/1970، بعد تقسيم المدرسة إلى مدرستين في 12 أكتوبر 1969 حيث أعطي للأولى اسم مدرسة 23 جانفي 1952 وأعطي للثانية اسم مدرسة شارع بورقيبة. ثمّ عيّن بمدرسة نهج بن عبد الله بتونس خلال السنة الدراسية 1970-1971، ثمّ نقل إلى المدرسة الابتدائية شارع بورقيبة بطبلبة من سنة 1971 إلى سنة احالته على التقاعد في 1 أكتوبر 1976.
لم يقتصر نشاط المناضل والمرّبي المرحوم علي بن فرج بلغيث قبل إحالته على شرف المهنة على التدريس فحسب بل كان له تشاط ديني حيث عيّن إماما خطيبا بالجامع الأعظم بطبلبة. وتكّثف نشاطه الديني والمهني بعد إحالته على شرف المهنة سنة 1976، فواصل نشاطه المهني حيث سمّي عدل إشهاد بدائرة قضاء المحكمة الابتدائية بالمنستير. وواصل يخطب ويؤم المصلين بالجامع الجديد بطبلبة إلى سنة 1996 تاريخ وفاته.
انخرط المناضل والمرّبي المرحوم علي بن فرج بلغيث في العمل الحزبي القاعدي منذ شبابه، فانضّم إلى الشبيبة الدستورية منذ تأسيسها سنة 1934. بعد معركة 23 جانفي 1952 لمّا كان يدّرس بالمدرسة الفرنسية/ العربية بطبلبة يعتقل بسجن المهدية، ثمّ ينقل من "المكتب" بطبلبة في 18 فيفري 1952 تعسفيا إلى رادس بتونس العاصمة، وفي 9 جانفي 1953 تقع نقلته للمرّة الثانية نقلة عقوبة إدارية إلى المدرسة الفرنسية العربية بالكاف.
كتب المناضل والمرّبي المرحوم علي بن فرج بلغيث الشعر والمسرحية والمقالة. فقد كتب مسرحية تذّكر بنضال طبلبة في معركة التحرير ومعاناة الوطنيين المقاومين بعد حادثة 23 جانفي 1952 وقبلها. وكان يلقي الخطب في المتظاهرين وبالاجتماعات التحضيرية لها حيث خطب بالاجتماع الذي انتظم بمقام سيدي بن عيسى يوم 9 أفريل 1939 احياء لذكرى 9 أفريل 1938. كما كان يثري خطبه بالشعر الحماسي حيث كان يلّقب بخطيب الشعب، وقد كتب المقال في النشريات المحلية التي صدرت في سبعينات وثمانيات القرن العشرين. يقول في مقال له بعنوان " ذكرى واقعة طبلبة 23 جانفي 1952" نشرت بنشرية تحت عنوان " شرارة 23 جانفي 1952" أصدرتها الشعبة الاشتراكية الدستورية بطبلبة سنة 1982، بمناسبة احياء الذكرى الثلاثين لمعركة 23 جانفي 1952:"...حدثت واقعة طبلبة التي دوّخت الاستعمار وزلزلت أركانه وردّت الأعداء على أعقابهم بعد أن كبّدتهم خسائر جسيمة. في ذلك اليوم، الثالث والعشرين من جانفي1952 استعدّت جماعة من المقاومين ومن ورائهم البلدة كلّها على طول نحو كيلومتر بمدخل البلدة مزودين بأسلحة بسيطة من مسدسات وبنادق ورشاشات وقنابل صنعوها بأيديهم، صعد البعض فوق السطوح وكمن آخرون بالمكامن خلف "الطوابي" وفوق المستودعات وظلوا يرقبون قدوم القوات الاستعمارية التي كانت توعدت البلدة لاحتضانها الزعيم بورقيبة واستعدادها للتضحية بالنّفس والنّفيس في سبيله، سبيل الوطن والحرية.
على الساعة الثالثة من مساء ذلك اليوم والإضراب قد شمل البلدة كلّها وأغلقت فيه جميع المحلات الخاصة والعامة حتّى المدارس التي كانت أضربت من قبل، جاءت طائرات العدو فحلّقت طويلا بسماء البلدة باعثة صفيرا مزعجا، ثمّ أطلت ست عشرة عربة مقلّة جنودا من اللفيف الأجنبي ودخلت البلدة أربعة، أربعة تمشي رويدا. وما كاد الفوج الأوّل يصل وسط البلدة حتّى بدأ طلق النّار ثمّ تكرّر متدافعا فانهال الرّصاص على البلدة، فردّ الثوار على النّار بالمثل وألقوا قنابل ذات فتائل مشتعلة فانفجرت محدثة دويا هائلا زلزل الأرض زلزالا عنيفا تخال البلدة دمرت تدميرا. وتوالى القصف وتكرّر رمي القنابل وحمي الوطيس: الرصاص ينصّب من كل جانب والقذائف تهبط كالصواعق واكفهر الجوّ وانتشر الدّخان واشتعلت النيران هنا وهناك وظلّ الرّصاص يصبّ كالمطر. وأصبح الثّوار وقد زاد عددهم...لا يفكرون في الاتقاء أو الاحتماء يرمون بلا مبالاة في ثبات ومهارة...هناك أفراد من الشبيبة في سرعة يمدون الذخيرة المكدسة داخل بعض المستودعات الموصدة يخرجها لهم مسؤولون عنها من نوافذ وفوهات خلفية لاصقة بالسقوف. و تواصل القتال فاستشهد بعض الرّجال والنّساء وعلا التكبير والتهليل والزغردة واختلط أزيز الرّصاص بدوي القنابل وصياح البعض..."نموت، نموت ويحيا الوطن" فازداد الثوار حماسا واندفع إلى الميدان أربعة شبّان فرموا قذائفهم، أصاب الأوّل ثلاثة جنود سقطوا مكانهم، وأصاب الثاني عربة فاحترقت وقُتل الثالث قبل أن يتمكن من الرمي وأصاب الرابع اللاسلكي فصار دخانا فانقطع اتصال المهاجمين بمن كان يرشدهم ففتر الرمي وهدأ القتال بعد أن دام نحو الساعتين فجمع العدو خسائره...وقفل راجعا ولاذ الثوار بالفرار...وجاء ناس آخرون فحملوا أولئك الشهداء...وقد خيم الحزن على الجميع. سرى نبأ هذه المعركة إلى كثير من العواصم ورددته الإذاعات وقالت إحداها "...دارت معركة عنيفة بين القوات الاستعمارية وثوار طبلبة فرد الثوار الجنود على أعقابهم وباتت طبلبة بأيدي الثوار. وبهذه المناسبة نترحّم على جميع شهداء الوطن سواء الذّين استشهدوا بطلبة أو بغيرها ونرفع إلى المجاهد الأكبر الرئيس الحبيب بورقيبة آيات الامتنان والولاء قائلين له: كلّ جهاد أمام جهادك يقصر لولاك ما كان هذا الشعب ينتصر "
لطفي جمعة (23 ماي 2

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال