المرحوم محمد بن حسن الغالي



مولده ودراسته
ولد المرحوم محمد بن حسن الغالي بتونس في 21 أفريل 1921 وتوفي بها في 27 أوت 2010. والده الشيخ حسن الغالي درس بالجامع الأعظم جامع الزيتونة المعمور بعد حصوله على الأهلية بفرع جامع الزيتونة بالجهة وقد خوّلت له هذه الشهادة الالتحاق بجامع الزيتونة المعمور حيث تحصّل على شهادة التحصيل، بعد أربع سنوات من حصوله على أولى الشهائد الزيتونية المسماة بالأهلية. ثمّ نال شهادة العالمية (أو التطويع كما كانت تسمى قبل سنة 1933) وهي أعلى شهادة علمية كان يمنحها جامع الزيتونة بتونس. اشتغل الشيخ حسن الغالي والد المترجم له بالتدريس بنفس الجامع الذي درس فيه، ثمّ انخرط في سلك العدالة بنجاحه في امتحان عدل الاشهاد، وبدأ في الاشتغال بهذه الوظيفة ليعيّن فيما بعد (حاكما) قاضيا يجوب مدن المملكة التونسية آنذاك. وفي سنة 1943 توفي ودفن بزاوية سيدي عياش برغبة من أهالي طبلبة لما يحظى به المغفور له من مكانة في قلوبهم.
زاول المرحوم محمد بن حسن الغالي تعليمه الابتدائي بتاجروين من ولاية الكاف ثم بتبرسق من ولاية باجة بحكم تنقل والده القاضي المرحوم حسن بالغالي خلال فترة عمله بين مدن المملكة التونسية توافقا مع كل تغيير في الحركة القضائية. ثمّ التحق بالمدرسة الصادقية حيث أحرز على الديبلوم الصادقي، ثمّ على الجزء الأوّل من البكالوريا سنة 1939. ثمّ التحق بالعدلية أين تحصّل على الجزء الأوّل في الحقوق. ثمّ التحق بمعهد كارنو أين تحصل على الجزء الثاني من البكالوريا، بعدها سافر إلى فرنسا حيث التحق بكلية الصيدلة بجامعة السوربون لمدّة سنة، ولظروف مادية لم يستطع البقاء في فرنسا لمواصلة دراسته ورجع الى تونس.
مسيرته المهنية
بدأ المرحوم محمد بن حسن الغالي مسيرته المهنية بأن اشتغل في خطة قيّم بالمدرسة الصادقية بالتوازي مع مزاولة دراسته بمعهد كارنو، ثمّ التحق بسلك التربية والتعليم سنة 1953، فعيّن أستاذا للتعليم الثانوي بمعهد بنزرت كأستاذ عربية ثم نقل بمثل خطته بالمعهد الفني بتونس العاصمة من سنة 1953 الى سنة 1958. ومن سلك التربية والتعليم يلتحق بإدارة المدبغة العصرية بمنوبة الذي يملكها صهره علي مهني كرئيس مدير عام بها. ثمّ باعث عقاري.
نضاله السياسي ونشاطه الجمعياتي
لقد كان المرحوم محمد الغالي ملازما لزعيم الشباب المناضل علي البلهوان الذي كان يدّرس بالمدرسة الصادقية منذ سنة 1935 وقد تأثر به تلميذه محمد الغالي أيّما تأثر فأصبح يلازمه في تنقلاته ويسهر على النظام خلال الاجتماعات الدستورية الطالبية التي يعقدها.
وبحكم دراسته في تلك الفترة بالمدرسة الصادقية فقد كان المرحوم محمد الغالي من المشاركين في المظاهرات التي وقعت أيام 8 و9 أفريل 1938 وشارك فيها تلاميذ المدرسة الصادقية بعد طرد زعيم الشباب علي البلهوان في 2 أفريل 1938 من الصادقية في مرحلة أولى وهو ما أدى لإضراب تلاميذ الصّادقية والزيتونة وتأسست إثرها لجنة الاتحاد الزيتوني المدرسي لتأطير النضال المدرسي والطلابي.
ثمّ بعد اعتقاله يوم 9 أفريل 1938 في مرحلة ثانية مما أثار غضب المتظاهرين وخرجوا بأعداد غفيرة للتّظاهر، فتمّ إعلان حالة الحصار ووقع قمعهم واعتقال عدّة مناضلين من مختلف الاتجاهات السياسية والشرائح الاجتماعية والفئات العمريّة من تلاميذ وطلبة وعمال وموظفين وعاطلين عن العمل.
وفي سنة 1941 أنتخب المرحوم محمد الغالي رئيسا للشبيبة الدستورية بمدينة جمال ونائب رئيس شعبتها وخلال زيارة الدكتور الحبيب ثامر إلى مدينة جمال قبل مغادرته البلاد مع جلاء قوات المحور (6 ماي 1943) وعودة الفرنسيين خوفا من محاكمته بدعوى التعامل مع الألمان. ألقى الشاب الدستوري محمد الغالي حينها خطابا حماسيا وصف فيه فرنسا بأنّها " مجرد جثة نتنة " الأمر الذي جعل السلط الاستعمارية توجه له تهمة التعدي على الأمن الداخلي والخارجي و" التأثير المؤسف على عقول الناس" الى جانب تعاطفه مع المناضلين الدستوريين. وفي أواخر سنة 1943 صدرت في شأنه بطاقة جلب من المحكمة العسكرية الفرنسية بصفاقس ليواجه تهمة التعدي على الأمن الداخلي والخارجي مرّة أخرى وليدلي بشهادته ضد المناضل "بودقة " المتّهم بتحريض الألمان على الاعتداء على ضابط فرنسي في الشرطة، فأعلم زعيم الشباب علي البلهوان بالأمر فأشار عليه بالاتصال بالهادي نويرة اثر عودته إلى تونس (فيفري 1943) ليقوم بالدفاع عنه وعن الدستوريين الذين تمّ إيقافهم بعد أحداث أفريل 1938. وأنتخب المرحوم محمد الغالي في الخمسينات من القرن العشرين عضوا بشعبة منفلوري، ثمّ أنتخب مستشارا بالمجلس البلدي بمنوبة سنة 1960.
انخرط المرحوم محمد الغالي في العمل الجمعياتي منذ ستينات القرن العشرين، حيث أنتخب عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة مكلفا بالشؤون الخارجية من سنة 1963 إلى سنة 1980 وممثل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة في المنظمة العالمية للشغل في جنيف، ثمّ عيّن عضوا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي من سنة1963 الى سنة 1969، الى جانب رئاسته لجامعة الجلود والأحذية من سنة 1963 الى سنة 1987، كما أنتخب نائب رئيس لجمعية قدماء الصادقية التي يرأسها الأستاذ فؤاد المبزع من سنة 2000 إلى سنة 2003 وأعيد انتخابه نائب رئيس مرّة أخرى لجمعية قدماء الصادقية سنة 2004.
لطفي جمعة (02 أوت 2023)
المرجع: رجال من طبلبة: محمد الغالي: من الصادقية... الى سجن المستعمر...الى كارنو... الى السربون- سعيد نويرة- مجلة أخبار طبلبة ديسمبر 2000

الكاتب : لطفي جمعة

 


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال