أحمد بن عمر بن علي ابراهم المعروف باسم "الزعيم"

 

ولد زعيم الشباب المناضل المرحوم أحمد بن عمر بن علي ابراهم المعروف باسم "الزعيم" سنة 1926 بطبلبة وتوفي في 11 جانفي 1974 بسوسة، كان يمتهن فلاحة الأرض أبا عن جد، وبعد الاستقلال عيّن حاجبا بولاية سوسة. وهو ابن خال شهيدة معركة 23 جانفي 1952 بطبلبة آمنة ابراهم، المرحوم عمر بن علي ابراهم.
لقّب المناضل المرحوم أحمد بن عمر ابراهم بالزعيم لأنّه كان متقمصا لشخصية الزعيم بورقيبة محاكيا لأسلوبه في الخطابة رغم أميته. انخرط بالحزب الدستوري الجديد منذ أربعينات القرن العشرين. فأنتخب عضوا بالشعبة الدستورية سنة 1938 إلى جانب الآتية أسماؤهم: الطاهر معرّف ومحمد بالغالي وفرج جمعة والحاج صالح لحمر وأحمد البدوي وعلي بن ساسي ومحمد بالعيارة ومحمود البدوي والحاج أحمد بالحاج مبروك بيّوض. كما أعيد انتخابه عضوا بالشعبة الدستورية من سنة 1939 إلى سنة 1943 وسنة 1944 ومن سنة 1945 إلى سنة 1947 ومن سنة 1948 إلى سنة 1952.
وفي سنة 1949 تمّ الانتخاب الفعلي لهيئة رسميّة للشبيبة الدستورية. فكان من ضمن هيئتها التي تشكّلت كما يلي: عبد السلام شبيل (رئيس) ومصطفى عمّار (كاتب عام) والحبيب الغالي (أمين مال) وأحمد ابراهم المترجم له (مكلّف بالدعاية) والتيجاني بن سالم عضوا. كما أعيد انتخابه سنة 1950 إلى سنة 1952 عضوا بالمكتب المحلي للشبيبة الدستورية الذي تكوّن من الآتي أسماؤهم: عبد السلام شبيل (رئيس) والهادي نويرة (كاتبا عاما) والحبيب الغالي (أمين مال) وأحمد ابراهم (الزعيم) المترجم له (مكلّف بالدعاية) ومحمد بن تقيّة (الغول) قائدا للشبيبة وعليّة الفقيه، أمّا الأفراد فكان عددهم يتزايد إلى أن بلغ أكثر من مائة شاب قبل اندلاع معركة 23 جانفي 1952. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته: "...وعلى الساعة السابعة صباحا... اكتظّ النادي للشبيبة الدستورية بالشّبان اللابسين زيّها الرّسمي بلباسها الأبيض وبشارتها الحمراء. (كانوا) ما ينوف على 150 شابا. وعدد آخر من الشبّان ما يزيد عن مائة شاب حاملين الشارة على أذرعتهم اليمنى بقيادة الأخ الناشط التجاني بن سالم ومساعده محمد منصور. وكان الخروج بنظام عسكري." أمّا عدد الذين اقتنوا اشتراكاتهم في الحزب الدستوري الجديد فيعد بالآلاف.
كان المرحوم أحمد بن عمر ابراهم من الدستوريين المتحمسين للحزب والملتزمين بمبادئه والمتعاونين مع الشعبة والشبيبة الدستورية ماديا ومعنويا، ومن المشجعين للشباب قصد الانخراط الفعلي في العمل النضالي من أجل تحرير الوطن من الاستعمار. فقد حوكم عليه سنة 1951 بتهمة "التشويش والاخلال بالأمن العام غيابيا لمدة ستة أشهر سجنا وبأربعين ألف فرنك خطية وقد تمسك بالفرار. حيث " انعقد اجتماع اخباري عام تحت اشراف الاتحاد العام للشغل في منزل محمّد بن علي بن ريانة ترأسه المناضل المرحوم المنجي سليم وحضر الاجتماع العون المخبر أحمد الأكودي متجسّسا، ولمّا تفطّن الشباب الدستوري الى وجوده كلّفوا الشابين أحمد ابراهم وإبراهيم بن ريانة بطرده... وقدّم الجاسوس المذكور تقريرا إلى السلط الفرنسية التي أذنت بإلقاء القبض على قائد الشبيبة محمد بن تقية(الغول) وعلى أحمد ابراهم (الزعيم) ورفعت في شأنهما شكوى إلى السلط القضائية متّهمة إيّاهما بالتشويش والاخلال بالأمن العام فحكمت عليهما المحكمة غيابا بستّة أشهر سجنا وبأربعين ألف فرنك خطيّة قدّم محمد تقية نفسه إلى السّلط فقضى ستّة أشهر سجنا حتّى أنّه لمّا اندلعت المعركة يوم 23 جانفي 1952غاب عنها ولم يشارك فيها، كما باع أرضه التّي سلّمها له أبوه ليسدّد الخطيّة أمّا أحمد ابراهم (المترجم له) فقد تمّسك بالفرار فلم يسجن ولم يدفع الخطيّة وبقي متخفيّا إلى أن نالت تونس استقلالها".
لقد ساهم المرحوم المناضل أحمد بن عمر ابراهم في معركة 23 جانفي 1952 من حيث الإعداد والمشاركة. حيث كان في فترة الاعداد للمعركة المسّلحة معركة 23 جانفي 1952 بطبلبة من بين أهمّ العناصر في تنظيم المظاهرات الاحتجاجية وعقد الاجتماعات والقاء الخطب. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته: "...شعبة أحرار طبلبة أخذت على عاتقها قسطا من الكفاح، (فكانت) تنشر الدعاية وتحرّض على المقاومة في أوساط الشباب، في اجتماعات عمومية (وخاصة) الشبيبة الناشطة برئيسها الشاب عبد السلام بن الحاج صالح شبيل، ولأفراد هيئتها الناشطين الأخ الشاب الحبيب بالغالي، والأخ أحمد ابراهم، والأخ أحمد التركي، والأخ الهادي نويرة، يعملون ليلا ونهارا في أوساط الشباب، من خطب سياسية ثورية مستدلة بالقرآن الكريم والحديث النبوي، ومستدلة بالماضي، جهاد الأجداد والانتصار الذي وقع على أيديهم، وبالحاضر، جهاد الشرقيين، مصر المعزيّة وسورية ولبنان وطرابلس، لنكون قدوة مثلهم، محلّلين جهاد كل دولة وما قامت به حتّى أحرزت على النجاح وفي كل أسبوع تقام ثلاث روايات تاريخية حماسية أمثال، فتح الأندلس وفتح صقلية، وفتاة القيروان، ورواية في سبيل التاج بأبطالها في الكفاح في سبيل الحرية. وكل ذلك مبينين الظرف الراهن وما يلزمنا، نحن الشباب الدستوري، وما يتطلب منّا من عمل جبّار حتّى النّصر النهائي".
لقد كان المناضل المرحوم أحمد بن عمر ابراهم ناشطا ومتحمسا للقضية التونسية وكان خطيبا وبليغا في خطبه الحماسية. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته: "... وتقرر ( يوم 23 جانفي) عقد اجتماع الهيئة في ذلك الحين وكانت الساعة الحادية عشر والنصف اتفق فيها على القيام بمظاهرة كبرى لتحريض الأهالي على المقاومة وسارت المظاهرة برجال ونساء وعددهم حوالي سبعة آلاف نسمة بالتهليل والتكبير انطلاقا من النادي وطافت البلدة حتى وصلت أمام مقر السلطة بقيادة الهيئة وافتتح الخطب (الأخ فرج جمعة) بخطاب قيم محرّضا على ضرب العدو في القلب والتمسك بالوحدة والنظام والعمل حتى النصر لأنّ القضية حياة أو موت... فاقتبل خطابه بالتهليل والتكبير. ثم أخذ الكلمة الأخ الحاج صالح لحمر موّضحا ومحرّضا على المقاومة مستدلا بالقرآن الكريم فقوبل خطابه بالتهليل والتكبير وزغاريد النساء تعلو من كلّ جانب ثمّ أخذ الكلمة الأخ أحمد ابراهم فألقى خطابا فياضا محرّضا على الكفاح الى النهاية لأن العالم يترقب حركات الأمة المتطلعة للاستقلال...."
لقد كانت دار أحمد بن عمر ابراهم يوم 23 جانفي 1952 مسرحا لعمليات قتالية استبسل فيها المقاومون لصد هجوم جنود الاحتلال. حيث حكم عليه في حالة فرار في 6 جانفي 1953 بتهمة التمرد على أعوان القوّة العمومية وحيازة أسلحة يوم 23 جانفي 1952 جاء في قرار الاتهام:"... أحمد ابراهم عدد4 في حالة فرار، استنتج من محاضر جلسات الجندرمة أنّ طلقات النّار الأولى، أطلقت من منزله الواقع في مدخل القرية. هو أعزب، حوكم من قبل، أنّه مسجّل شخصا خطيرا، عنيفا، تجب مراقبته". وكان قرار الحكم بتجريده من حقوقه الشرعية لارتكابه المخالفة المتمثلة في التمرّد والعنف تجاه أعوان من السلطة الفرنسية.
وبعد المعركة أيّام المحتشد 5 و6 و7 فيفري 1952، "ولمّا عجز المستعمر عن افتكاك الاعترافات رغم القوّة والبطش لجأ إلى وسائل الضغط النفسي والإحباط العاطفي حيث جمع زوجات المشكوك فيهم من الوطنيين وأمهاتهم... منهم زوجة أحمد ابراهم "الزّعيم" ...فكنّ حوالي خمس وعشرين امرأة وذلك حتّى يتمكّنوا من استجلاب رجالهن بدافع الغيرة والشّرف... وحملهنّ إلى المهدية فبقين رهن الاعتقال يومين وثلاث ليال وأكثر...".
يقول المناضل الحبيب الغالي أمين مال الشبيبة الدستورية في شهادته الشفوية:"... وللتاريخ أودّ أن أذكر بخير أناسا فتحوا ديارهم لاجتماعات سريّة وأخفوا المناضلين وتستروا على الفدائيين وأطعموا المقاومين وساهموا بجهدهم ومالهم وحتّى أرواحهم ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر علي الصندل بن سوسية ومحمد لحمر وفرج وعياش بن محمد لحمر وسالم بن صالح لحمر ومحمد المرعوي (الحقازي) ومحمد الجنزري (قريوة) ومحمود بن صالح الشبعان والحاج محمد الهباشي وأحمد ابراهم (المترجم له) والناجي بالكحلة والعجمي بالريانة وبوراوي بن سالم وعمر بن سالم بالحاج عمر وغيرهم...".
لطفي جمعة (8 نوفمبر 2023)
المرجع: *كتاب التقليدية والحداثة في المجتمع العربي-للأستاذين رمضان بن ريانة وعادل بالكحلة - الجزء الخامس

الكاتب : لطفي جمعة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال