المناضل والمقاوم المرحوم خليفة بن الحاج علي بن محمد ابراهم

المناضل والمقاوم المرحوم خليفة بن الحاج علي بن محمد ابراهم

 ولد المناضل والمقاوم المرحوم خليفة بن الحاج علي بن محمد ابراهم في 8 جانفي 1917 بطبلبة. وتوفي بها في 14 أوت 1984. سليل عائلة وطنية مناضلة فهو أخ الشهيدة أمنة ابراهم وخال المناضل التيجاني بن سالم وابن خالة المناضل أحمد ابراهم "الزعيم".

انخرط المناضل والمقاوم المرحوم خليفة ابراهم بالحزب الدستوري الجديد منذ أربعينات القرن العشرين. ساهم في معركة 23 جانفي 1952 من حيث الإعداد والمشاركة. فقد كان ضمن المجموعة الأولى من المقاومين الذين تمّ تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات خلال معركة 23 جانفي 1952. وقد تمركزت هذه المجموعة الأولى ب"سانية دار ابرهم" المشرفة على "بير علوش" والتي تتكوّن من صالح علالة وخليفة ابراهم والتيجاني بن سالم وعامر علالة وعامر بحر ومحمد الدقي (من البقالطة) ومحمد صالح دعيب.
وقد كانت منطقة "بير علوش" مسرحا لعمليات قتالية استبسل فيها المقاوم خليفة ابراهم و استشهدت خلالها أخته آمنة ابراهم. يقول المناضل عبد السلام شبيل بمذكراته "كرّاس الأسرار":"...وعند وصول الجيش إلى الساحة، ما بين البنايات، حميت المعركة بإطلاق الرّصاص من جميع النواحي...وأخصّ بالذكر الأخ خليفة ابراهم والأخ علي بن محمد المرعوي، الذين بذلوا مجهودا جبارا هناك...وكذلك الأخ"عمّي" خليفة بالغيث، والأخ الهادي بن سالم من النّاحية القبلية شرق "الأنقار"، وكذلك عدد كبير من النّساء التّابعين لحومة "بير علّوش" فوق سطوح الدّيار يولولن بالزّغاريد بكلّ شجاعة، وأبرزهن المرأة الشهيدة آمنة براهم التي بذلت مجهودا جبارا في صفّ المقاومين بالتشجيع، وهي زوجة عمّار بن سالم ووالدة التجاني فصعدت روحها الزكيّة إلى بارئها برصاص الاستعمار، رحمها الله.كما استشهد الشاب محمد بن عبد القادر المستيري".
ويقول أيضا المناضل عبد السلام شبيل في شهادته الشفوية المنشورة بكتاب " لم يناموا على الذّل" لعبد الحميد العلاني:" ...ومات من المواطنين سبعة أحمد بن فرج التركي، من الشبيبة الدستورية، محمد بن عبد القادر المستيري شاب، عثمان الصندل كهل تطوّع ومعه مسدّس، غمر بيّوض شيخ 70 سنة، كان أصمّ راجعا من عمله رأوه حاملا فأسا فضربوه، زوجة عمّار بن سالم، والدة التيجاني بن سالم، أخوها (خليفة ابراهم) أطلق الرّصاص على جندي فلمّا رأته سقط ذهبت لافتكاك سلاحه، فأصابوها فماتت لحينها...".
وتقول الحاجة فاطمة بنت محمد الحاج سعيد أرملة الحاج التيجاني بن سالم في شهادتها الشفوية:" ...تزوّد الرجال يوم الواقعة ب"العصبان" و"الكرتوش" واختبأوا فوق السّطوح ينتظرون قدوم الفرنسيين. وقامت معركة حامية جدّا ظننا أنّه لن ينجو منها أحد. وقتل رجال طبلبة الأبطال عددا كبيرا من "الجدارمية" وقد كانت خالتي تزغرد حينما كان ابنها التيجاني وأخاها خليفة يقاتلان. وقد استشهد من المناضلين يومها سبعة شهداء. وعندما انتهى "الكرتوش" و" العصبان" وكنّا نحن النساء نراقب ما يجري أمر أولاد لحمر وخالي خليفة خالتي ووالدة الحاج التيجاني زوجي المناضلة أمنة ابراهم أن ترجع إلى المنزل لأنّ السلاح قد انتهى فأجابتهم أنّها لن ترجع إلى المنزل وعلى حين غفلة أتاها جندارمي من الخلف وقتلها. ومن الغد وأثناء القيام بدفن الشهداء طوّق "الجدارمية" المقبرة بحثا عن المجاهدين وأتمّوا عملية الدفن في ظروف صعبة جدا...ومنذ ذلك اليوم أصبح "الجدارمية" يفتشون البيوت يوميا ليلا نهارا بحثا عن الحاج التيجاني ورفاقه مثل المناضل أحمد ابراهم ومحمد تقية(الغول) وخالي خليفة ابراهم الذين أصبحوا محلّ تفتيش دائم لأنّ "الجدارمية" اقتحموا نادي الشعبة ووجدوهم ضمن قائمة المنخرطين في الحزب الدستوري.وقد كسّروا "الجندارمة" كلّ ما وجدوه في البيت حتّى الجراية والحصيرة قطّعوهما وخلّطوا الفلفل مرحي والشّعير والقمح في وسط البيت.وكسّروا بابه وحتّى شجرة العنب لم تسلم من أذاهم... "
وتقول الحاجة لطيفة الحلاّب في شهادتها الشفوية : "...كان يوم أربعاء على الساعة الثانية بعد الزوال تقريبا جاء العسكر من المكنين مدجّجين بالسّلاح.وكان المناضلون ينتظرون قدومهم فوق السّطوح...ودامت المعركة نحو ساعتين كان " الجدارمية" يطلقون النّار من شاحناتهم والمناضلون يقذفون ب"العصبان" من السطوح فقتلوا منهم عددا كبيرا.وكانت النساء تراقبن ما يجري متخفيات تحت"الزّروب" ووسط الزرع في المكان المعروف حاليا ببئر قصر وبئر علوش.وأذكر أنّ المناضلة آمنة ابراهم كانت تراقب مثل بقية النسوة.وكانت تشجّع أخاها خليفة ابراهم من تحت "الزّرب" وهو فوق السطح.وكانت تزغرد عند سقوط "الجندارمة" تحت "عصبان" المناضلين فجاءها أحدهم من الخلف وقتلها.كان المناضلون يجمعون السّلاح في "مسقف" كائن في منزل المرحوم صالح عبد اللطيف.ويلتحقون بمكان الواقعة عبر دار "سيدي عيّاش" المحاذية للزاوية.وكان "الجندارمة" يقتلون كلّ من يعترض طريقهم.وأذكر أنّهم قتلوا وسط "السفرة" عامر بن عبد السلام بيّوض ... عندما كان يحاول الالتحاق بالمجاهدين وأخذوه مع جثث الفرنسيين عن طريق الخطأ ودفنوه بمقبرة سوسة، ووقع إعادة جثته بعد حوالي السّنة بعد الحاج عائلته..."
وقد اعتقل المناضل والمقاوم المرحوم خليفة ابراهم سنة 1952 وحكم وهو في سراح وقتي في 6 جانفي 1953 بتهمة التمرّد على أعوان القوّة العمومية وعصيانها ومسك سلاح بدون رخصة.
يقول الشاعر الشعبي الحاج عبد الحميد بن محمد البدوي من أحداث معركة 23 جانفي بطبلبة قصيدة يدوّن فيها بطولات وتضحيات أهالي مدينة طبلبة في سبيل عزّة تونس ومناعته
إمـنـي إبـراهـم عـاتـية شجاعـة إتزغرط على ولـدها إتـشجع في جماعـة
خـليفـة إبـراهم وفرج يصون ذراعـة إلـتّـلـيفـون تـكـسـر إبـعـصـبانة
الـقـرقـني وبـريـانـة وولاد جماعة ضـربـتـهم نـافـذة ومـكّـانــــة
هذا وقد تحصّل المناضل والمقاوم المرحوم خليفة ابراهم على الصنف الرابع من وسام الاستقلال جزاء لجليل أعماله من اجل تحرير الوطن واسترجاع عزته وكرامته بتاريخ 2 مارس 1984.
لطفي جمعة (12 جوان 2021)

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال