الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج بن محمد بن أحمد نويرة


 "عاشق الصحافة... ومن أشرس المدافعين عن حرية الرأي والتعبير والصحافة"

ولد الصحفي والنقابي والمحلل السياسي الهاشمي بن فرج بن محمد بن أحمد نويرة في 9 جويلية 1960 بطبلبة. حفظ القرآن الكريم وتعلّمه بزاويّة "سيدي عليّ شبيل" على يدّ المؤدب عليّة بن الصادق بن محمّد بن صالح بن سعد من حفظة كتاب الله تعالى وإمام مسجد "سيدي عليّ شبيل".
زاول الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة تعليمه الابتدائي بمدرسة "الهداية" إلى سنة 1972، سنة نجاحه في امتحان الدّخول إلى السنة الأولى من التعليم الثانوي الطويل. ثمّ التحق بالمعهد الثانوي بالمكنين إلى سنة 1978 سنة رفته من جميع المعاهد على اثر الأحداث التي شهدتها البلاد وقتها، فالحق بالتعليم الخاص، ثمّ بقي مدّة عشرة سنوات يترشح بصفة فردية لاجتياز امتحان البكالوريا (مترشح حرcandidat libre)، وبفضل عزيمته واصراره تحصل على شهادة البكالوريا سنة 1989 من معهد طبلبة. وبالتوازي مع ذلك درس التمريض بمدرسة علوم التمريض، وتحصّل على ديبلوم في التمريض.
عاد الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة إلى مقاعد الدراسة الجامعية، عقب حصوله على شهادة البكالوريا لمواصلة دراسته الجامعية بكليّة العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.
وفي سنة 1989 التحق الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة بالعمل الصحفي، فعمل بجريدة الصباح، حين كان رئيس تحريرها عبد اللطيف الفراتي فيما بين عامي 1988 و1993. وقد كانت بدايته بمهنة المتاعب (الصحافة) قصد تحسين ظروفه المادية حينما كان طالبا بالجامعة التونسية إلا أن عشقه وحبّه لمهنة الصحافة جعله يقتحم هذا الميدان باقتدار.
ثمّ أنتدب الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة بدار لابراس والصحافة، وقد تولى فيها عدة مسؤوليات وصولا إلى إدارة ورئاسة تحرير "الصحافة اليوم" فيما بين 2017 إلى 2019. واستقال من هذه الخطة يوم 5 نوفمبر 2019 بعد أن خاضت صحيفة “الصحافة اليوم” بإدارته معركة استقلالية مع القصبة خلال رئاسة يوسف الشاهد، وكان الهاشمي نويرة من أهم من تصدى لأي توظيف للصحيفة أو التخطيط لغلقها بسبب خطها التحريري.
يقول الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة في نص استقالته على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك " إلى الغنّوشي والشّاهد ومَنْ اصطفّ معهم:
أنا مُستقيلٌ
بعد طول تفكير وجدت أنّ الأمر لا يستحقّ منّي تفكيرا فقرّرت ما عزمت على تنفيذه،
قرّرت أنا الهاشمي نويرة الاستقالة من منصب المدير رئيس التحرير لجريدة "الصحافة اليوم" الذي شغلته إثر انتخابات لمدّة تجاوزتها لأسباب غير شخصية بالطّبع،
قرّرت الاستقالة إذن من أجل التحرّر الكامل مِنْ ضغوطات الحُكْمِ ومَنْ هُمْ على هامش الحُكْمِ وحتّى أرفع الحرج على مَنْ عرفتهم وخضعوا لإغراءات السلطة والحُكْمِ،
مع الاعتذار لكلّ أصدقائي ولكلّ من يرى في استقالتي خذلانا له
من ناحيتي سأواصل خوض معارك المهنة وحرّية الصحافة والإعلام العمومي في منابر أخرى جبهاتها الداخلية متماسكة أكثر ولم تتسرّب إليها بَعْدُ الغنائمية والانتهازية ولَمْ يتمكّن منها مَنْ في قلوبهم بعض الحقد والمرض والجهل المعرفي والمهني أو كلّه.
وأنبّه مَنْ يهمّه أمْر الصحافة والإعلام أنّ الوقت قد لا يسمح بتدارك تداعيات آفة "السُّوسِ" التي نخرت جسم القطاع لأنّ وقت مداواة الأعراض بالدواء فات وانقضى وحان الآن وقت الجراحة،
وبعد اليوم قد لا تنفع الجراحة، إنّي قد بلّغت اللّهُمّ فأشهد "
اشتغل الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة وما زال مراسلا لعدد من الصحف العربية من بينها البيان الامارتية، و"الزوراء" العراقية.
وقد أحيل الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة على شرف المهنة (التقاعد) من جريدة الصحافة ودار لابراس في 9 جويلية 2020.
كتب مصطفي الخماري عن الهاشمي نويرة ...“تحية لعاشق “الصحافة” " بمناسبة احالته على شرف المهنة على صفحته على فيسبوك:
"أشارك أسرة دار لابراس والصحافة التحية لزميل أصيل وأخ عزيز أعطى الكثير لمهنة المتاعب قد يكون تحمّل قسطا كبير من تبعاتها وهو يناضل مع زملائه للمحافظة على “الصحافة"… اسما ليومية تفانى في جعلها متميزة في تناولها للأحداث بجرأة واقتدار …
ومسمّى لمهنة تواجه خطر الاضمحلال في زمن تعيش فيه حرية لم تعرفها من قبل لكنها لم تشفع لها لتتبوأ المكانة التي هي جديرة بها...
الزميل الهاشمي نويرة تتفق مع أفكاره أو تخالفها صحفي متميز يعشق الكتابة... تخرج الكلمات من قلمه بحرفية تختزن أفكارا واضحة بصياغة ميسرة رغم عمق ومرامي المعاني والايحاءات.
فهنيئا للهاشمي بشرف المهنة وقد أثر العمل في الصحافة المكتوبة رغم ما توفرت له من فرص عمل أخرى.
ونيل شرف المهنة ليس مرتبطا وجوبا بتقاعد لا يعرفه الصحافيون والكتّاب وسنتطلع لكتابات الهاشمي وأعتقد أن انتظارنا لن يطول.
شرف المهنة مسيرة طويلة من البذل والعطاء وأداء كامل الواجب وتمسك بأخلاقيات مهنية نبيلة تحتضن نساء ورجالا من أمثال الهاشمي نويرة الذي سيسير على دربه الجيل الصحفي الجديد وهو يمسك بالمشعل وأمامه فسحة واسعة لمزيد البذل والعطاء.
بالمعنى الأصلي والمجازي …عيد ميلاد جديد سعيد يا صديقي".
يقول الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة في آخر مقالاته بجريدة "الصحافة اليوم" بتاريخ 10 جويلية 2020 " ستّون سنة مضت ...ومِنَ «التّقاعد» بَعْثٌ جديد..! .
بلغت رحلتي مع الكتابة والعمل الاداري في «الصحافة اليوم» مداها ومنتهاها،
ولَمْ أستطع والحقّ يُقال تقبّل قرار فكّ الارتباط مع العمل بسهولة لاعتبارات مختلفة لعلّ أهمّها أنّ ثقافة العمل تمكّنت منّي وترسّخت في أعماقي وَلَمْ أقاوم أو أتصدى لهذه الثقافة بل إنّي استسلمت لها بالكامل ورأيت فيها تحقيقا للذات حينا وملاذا آمنا حينا آخر.
وجَدْتُني أستجير من المرض ومن العطالة الفكرية ومن الحياة الرديئة ومن البذاءة بالعمل وأستجير من قساوة ظروف العمل بالنضال النقابي بعدما خلّصته وحرّرته من ثقافة التواكُل وأقنعت نفسي أنّ الرفاهية ليست في تقليص مساحة العمل بل هي في توسيع نطاقه وتحسين شروطه المادّية.
و أعتقد أنّي توصّلت إلى تحقيق الواجبات المتعلّقة بي ولكنّ المتعاقبين على السّلطة والحُكْمِ في بلادنا وفِي كلّ أنحاء العالم أخلّوا عموما بالتزاماتهم وبواجباتهم تجاه مَنْ أحبّ العمل بكرامة وعزّة نفس.
وبالرجوع إلى منطلق المقال فإنّي وإنْ كنت أتقيّد بالضوابط القانونية متى هي احترمت قواعد العدل والمساواة فإنّه من المستحيل عليّ أن أكبح جماح قلمي لمجرّد تجاوز السنّ القانوني للعمل وهو ما يعني أنّ التقاعد الرّسمي بالنسبة لي هو بذات المناسبة بابٌ لمحطّة أخرى في الحياة وقد تكون هي ما أنْشُدهُ من حياة ...
أختم بالقول أنّه، ذات يوم وأنا طالب في كلية العلوم القانونية والاجتماعية والسياسية دفعني عميدها الأستاذ الرّاحل عبد الفتاح عمر لأخوض غمار العمل الصحفي، كان حينها رئيس تحرير جريدة الصباح المرجع الأساسي في كتابة المقال الصحفي السياسي سي عبد اللطيف الفراتي وقد تعلّمت منه الكثير في فنّ تغليف الفكرة لأنّ المناخ السياسي العام لم يكن يسمح بمساحة كبيرة للحرّية،
الهاشمي نويرة القادم من أقاصي اليسار والفكر الثوري يرمي بنفسه في معقل من «معاقل السلطة» واعادة انتاج السلطة -هكذا كنّا نصنّف الصباح وغيرها -وبالتدريج بدأت المسافة تكبر بيني وبين «المدّ الثوري» وبالتوازي كانت علاقتي بالمعقل الجديد تنافرية وبالمقابل اشتدّ بي الوَلَعُ بالعمل الصحفي فَهُمْتُ به وهامَ بي ووقعت في شراكه بالكامل .
تعلّمنا فنّ اخفاء الموقف والكلام لأنّ المطلوب كان تثبيت الموقع وسرعان ما فهمنا أنّ الوجود الصحفي في مناخات تنعدم فيها الحرّية لن يتحقّق دون الرافد النضالي النقابي،
كان لزاما علينا أن نطرق بابه فسِرْنا على دربه دون صخب ولا ثورة،
شعارنا المهنية هي الأساس والنضال النقابي هو من أجل توسيع هامش الحرّية التي هي وقود العمل الصحفي،
وأعتقد أنّنا نجحنا في تحقيق بعض الأهداف رغم تدافع الأحداث التي أجبرتنا على تغيير الموقع لكنّنا بقينا على نفس الموقف والقناعة.
المحطّة الأخيرة في مرحلة العمل الإداري كانت «الصحافة اليوم» ويشرّفني أن أقول أنّي أحببت «المكان» بكلّ مآسيه لأنّه فتح لي باب معاينة معاناة القطاع العمومي،
ستّون عاما. العشرُ الأواخر فيها بمائة عام، تكثّفت فيها الأحداث وانقلبت المنظومات القيمية وعمّ الهلاكُ والفساد وكان لزاما علينا أن نطرق باب الاستمرار في الحياة عن طريق الكتابة... سأواصل الداء ومن صنّف نفسه من الأعداء".
أنتخب الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة عضوا بجمعية الصحفيين التونسيين سنة 2005، كما أنتخب أمينا عاما مساعدا لاتحاد الصحفيين العرب وكان من مؤسسي النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ورئيس الهيئة التأسيسية المؤقتة لها في 3 نوفمبر 2007.
أنتخب الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة سنة 2008 عضوا بالمكتب الدائم للاتحاد الصحفيين العرب. وأنتخب نائب الرئيس منظمة المعهد الدولي لحماية الصحفيين سنة 2009. كما أنتخب سنة 2016 مستشارا لاتحاد الصحفيين العرب خلال مؤتمره الثالث عشر، وخلال مؤتمره العام الرابع عشر، تمّ تجديد انتخابه بالإجماع مستشارا لاتحاد الصحفيين العرب سنة 2022. ودخل الصحفي والنقابي الهاشمي بن فرج نويرة بداية من شهر نوفمبر 2023 في تجربة جديدة كمحلل سياسي وهي تجربة تلفزية في قناة التاسعة مع ملاك الكباري وفريقها في ببرنامج رنديفو9 ضمن البرمجة الجديدة لسنة 2023، إلى جانب حضوره في العديد من البرامج الإذاعية في مختلف الإذاعات كمحلل سياسي.
لطفي جمعة (11 نوفمبر 2023
الكاتب : لطفي جمعة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال