المرحوم علي بن محمد بن علي بريانة

 



ولد المرحوم علي بن محمد بن علي بريانة في 29 سبتمبر 1933 بطبلبة وتوفي بها في 3 سبتمبر 2023. نشأ في أسرة متواضعة كثيرة العدد، توفي والده في سنّ مبركة في أربعينات القرن العشرين وتكفلت به أمّه وسهرت على تعليمه من خلال غزل الصوف وبيعه. بدأ تعلّم القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية بكتاب "سيدي عبد الله"، ثمّ التحق بالمدرسة الفرنسية العربية من سنة 1939 إلى سنة 1946 سنة نجاحه في امتحان الشهادة الابتدائية.Certificat D’études Primaires (élémentaires). ثمّ شارك في مناظرة التعليم الثانوي بالمدرسة الصادقية، وفي مناظرة أخرى بمعهد سوسة لكنّه فضّل مزاولة تعليمه بالمدرسة الصادقية وتحصّل على الجزء الأوّل من البكالوريا. ونظرا لصعوبة الحياة في ذلك الوقت، لم يواصل دراسته وانخرط المرحوم علي بن محمد بن علي بريانة في سلك التربية والتعليم فعمل معلّما بجزيرة جربة. وبعد ثلاث سنوات استقال من التعليم العمومي ثمّ عقد العزم وقطع على نفسه عهدا بأن يتدرّج أكثر فأكثر في سلّم المعرفة رغم أنّ مهنة التعليم آنذاك كانت منتهى ما يطمح إليه أبناء جيله. فالتحق بمدرسة خاصة للعلوم الفنيّة ( علم الجسور والطرقات والمياه) وتابع هناك الدّروس التكميلية التي أهّلته في التوجيه في عديد المسالك والشعب العلميّة ومنها تلك التي استحدثها المهندس المرحوم المختار العتيري، من أوائل المهندسين التونسيين وأحد بناة الجامعة التونسية ومؤسس المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس حيث ساهم في نهاية الستينات في الإقناع بضرورة إنشاء مدرسة وطنية لتكوين المهندسين والفنيين السامين في مختلف التخصصات. وقد أنشئت بالفعل المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس عام 1968 وعين هو على رأسها فيما بين تلك السنة وإلى حدود عام 1975. كما ساهم في بناء الدولة الوطنية الحديثة كمهندس، فقد شغل في وزارة التجهيز مهمّة مهندس رئيس للأشغال العامة لمدة 11 سنة بدءا من عام 1958، وأمكن له بالتالي الإشراف على الكثير من المشاريع الكبرى ومن بينها مطارات تونس قرطاج الدولي والمنستير سقانص وجربة جرجيس وميناء قابس والمركب السياحي مرسى القنطاوي.
وبعد احدى عشرة شهرا من التكوين السريع بالمدرسة الخاصة للعلوم الفنيّة نجح المرحوم علي بن محمد بن علي بريانة في امتحانات اختيار الأجدر ضمن مجموعة تعد 27 طالبا واختار اختصاص" المياه" وتمّ تعيينه مهندسا مساعدا في المياه بقابس بعد أسبوع من اعلان نتيجة المناظرة. ثمّ عيّن بعد انتهاء فترة تربص بسنة مسؤولا عن مياه الري والشرب وحفظ العيون الطبيعية بواحات الجنوب واحداث مناطق سقوية للآبار الارتوازية.
وبعد سنوات من التحصيل العلمي في تونس وفرنسا تخرّج المرحوم علي بن محمد بن علي بريانة بتفوق برتبة مهندس في اختصاص الموارد المائية وتقلّب في العديد من الوظائف والمسؤوليات ليترك بصماته أينما حلّ. حيث عيّن مندوبا جهويا للفلاحة. ثمّ انضمّ إلى الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في أوج الجهد الوطني الذي كان على دولة الاستقلال بذله لمدّ شبكة الماء الصالح للشراب إلى أكثر ما يمكن من القرى والأحياء. وأشرف داخلها على إقليم سوسة الكبرى (سوسة-المنستير-المهدية) ليقضي هناك 7 سنوات تحوّل بعدها إلى ولاية المهدية وقضّى هناك 13 سنة يشرف كما هو الشأن في ولايات أخرى من الجمهورية التونسية على جلب المياه عبر القنوات الرئيسية وتوزيعها ضمن شبكات في كامل القرى والمدن. واستمر في تلك الخطّة إلى يوم تقاعده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لطفي جمعة (23 سبتمبر 2023)
المرجع: ابن شبّاط تونس... علي بن ريانة أحد رواد الهندسة المائية - مجلة "السفرة" العدد 14 سبتمبر 2016

الكاتب : لطفي جمعة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال